خلال عرضه بيان السياسة العامة أمام نواب الغرفة السفلى للبرلمان، الخميس الماضي، كشف الوزير الأول الجزائري أيمن بن عبد الرحمان، عن مفاوضات “جد متقدمة” مع مُصنّعين عالميين مهتمين بالاستثمار في صناعة السيارات بالجزائر.
وأفاد بن عبد الرحمان بأن نتائج هذه المفاوضات “سترى النور خلال الشهر الحالي” دون أن يكشف عن أسماء وجنسيات المُصنّعين.
وتستهدف الحكومة الجزائرية هذه المرة؛ توطين صناعة السيارات في الجزائر من خلال إقامة “صناعة حقيقية للمركبات” وفق تصريحات المسؤولين في القطاع، ورفع نسبة الإدماج عبر تشغيل يد عاملة محلية، والاستفادة من التكنولوجيا والتكوين على أيدي كبار هذه الصناعة في العالم.
دفتر شروط جديد قريبا
وبرر بن عبد الرحمان عدم كشفه عن هويّة المصنّعين بـ”سرية الملف والإجراءات”، لكنّه شدّد في الوقت ذاته على أن المفاوضات “جد متقدمة وسننتهي منها في الشهر الحالي”، مؤكدا “نحن هذه المرة في الطريق الصحيح”.
وتعكف الحكومة الجزائرية على إعداد دفتر شروط جديد خاص بالاستثمار في قطاع السيارات، فيما قال وزير الصناعة أحمد زغدار في تصريحات سابقة إن مشروع دفتر الشروط على طاولة الحكومة حاليا.
وفي انتظار الإفراج عن دفتر الشروط الجديد يستمر منع استيراد السيارات للعام الثالث على التوالي، وهو القرار الذي لاقى انتقادات من متعاملين خواص في القطاع، بينما تقول الحكومة إنه “لابد من ضبط القطاع قبل فتح باب الاستيراد”.
وأوضح الوزير الأول الجزائري بأن “شرط الحكومة الوحيد والأوحد لبعث صناعة سيارات في البلاد هو تمكين صناعة المركبات بكل أسسها وكل شروطها وكل مدخلاتها، حتى نتمكن من إرساء هذه المناولة الصناعية التي عجز عنها البعض في السابق”، في إشارة إلى حكومتي أحمد أويحي وعبد المالك سلال.
حلول جذرية وإدماج
وتسعى الحكومة الجزائرية إلى رفع نسبة الإدماج في القطاع عبر تشغيل يد عاملة جزائرية وتوطين هذه الصناعة في البلاد، بعدما كانت مجرّد عملية “نفخ عجلات” كما وصفتها الصحافة المحلية، والتي أدت إلى نهب أكثر من 20 مليار دولار من خزينة الدولة في ثلاث سنوات فقط على أيدي رجال أعمال فاسدين، صدرت بحقهم أحكام بالسجن وصودرت ممتلكاتهم.
وحسب الوزير الأول بن عبد الرحمان فإن الحكومة “بصدد الانتهاء من إعداد استراتيجية جديدة الهدف منها الوصول إلى حلول جذرية لملف السيارات، قصد التكفل بالاختلالات المسجلة في المنظومة السابقة لهذه الشعبة الهامة، التي أدت إلى نزيف كبير للعملة الصعبة، دون أن يكون لها أثر فعلي على تطوير قطاع السيارات”.
وأضاف بن عبد الرحمان في حديثه أمام البرلمان أن تصنيع السيارات في الجزائر “سيرتكز أساسا على تشجيع المصنعين الدوليين للمركبات على الاستثمار في بلادنا من خلال المزايا الجديدة والتحفيزية، التي كرسها القانون الجديد للاستثمار، والذي من شأنه جذب علامات دولية رائدة في مجال انتاج السيارات”.
ويُعتبر تخلي الحكومة الجزائرية عن قاعدة 49/51 بالمائة أهمّ محفّز في قانون الاستثمار الجديد، حيث كان المستثمرون مجبرين على إيجاد شريك محلي وعدم تجاوز نسبة 49 بالمائة في الشراكة وهو ما كان وراء “هروب” عديد المستثمرين، غير أن الحكومة ألغت هذه القاعدة في قانون الاستثمار الجديد.
وفي هذا السياق أوضح بن عبد الرحمان أنه “في مقابل المزايا العديدة التي سيستفيد منها المصنعون الأجانب، فإن الحكومة ستحرص على اعتماد الرفع الملموس من نسبة الإدماج المحلي في السيارات المصنعة بالجزائر، كشرط أساسي على المصنعين الأجانب، حيث سيتعين عليهم العمل على إشراك المناولة المحلية في عملية التصنيع من خلال دمج المركبات والأجزاء المنتجة”.
مستثمرون محليون وصناعة حقيقية
وقال وزير الصناعة أحمد زغدار في تصريحات سابقة، إن دفتر شروط استيراد السيارات “جاهز ويستهدف تحقيق صناعة حقيقية للمركبات، وليس “نفخ العجلات”، مشيرا إلى إجراء اتصالات مع أكبر المجمّعات الأوروبية والآسيوية .
وكشف الوزير الجزائري عن “إيداع 73 ملفا من قبل المتعاملين الاقتصاديين لاستيراد السيارات، تتم معالجتها على مستوى اللجنة القطاعية المختصة”، وأوضح في هذا السياق بأن مصالحه تتعامل مع الملف بحذر.
وأوضح زغدار بأن الجزائر “لديها شروط لإقامة مصانع جديدة للسيارات، منها قيام استثمار فعلي في هذا المجال، وإدماج المصانع المقامة في الجزائر في شبكات المصانع الدولية المقامة من قبل المصنعين وتوفير شبكة خدمات ما بعد البيع، جهويا وفي المدن الكبرى”، وذكر بأن “قانون الاستثمار الجديد سيمهد الطريق لاستقطاب مشاريع واستثمارات محلية وأجنبية ذات بعد وطني وحتى إقليمي خلال السنوات القليلة المقبلة”.
وفي يونيو الماضي قال المدير العام للتنمية والتنافسية الصناعية بوزارة الصناعة أحمد زايد سالم، بأن الحكومة “تسعى في مشاوراتها مع مصنّعي السيارات العالميين، إلى تحقيق تحويل تكنولوجي فعلي إلى الصناعة المحلية، بدلا من الاعتماد على التركيب”.