من ملاعب كرة السلة الأميركية إلى أندية الساحرة المستديرة في أوروبا، يتحرك الملياردير المغربي الأميركي، مارك العسري، بين العمالقة في القارتين جامعاً عشقه بين عالمين: الرياضة والاقتصاد.
فقد عاد اسمه مؤخرا بقوة عبر وسائل إعلام إيطالية ومغربية تشير إلى رغبته في الاستحواذ على فريق “إنتر ميلان” الإيطالي لاقتلاعه من التخبط المالي الذي وقع فيه خلال السنوات الماضية.
عاشق للمغرب
رأى مارك النور 1959 وتربى في كنف عائلة يهودية من مدينة الصويرة في فترة شهدت هجرات واسعة لليهود المغاربة إلى إسرائيل، لكن عائلته اختارت الاستقرار في ولاية كونيتيكت الأميركية (شرق) عندما كان مارك في السابعة من عمره.
تعلم الإنجليزية – وأضافها إلى اللغة الفرنسية – بسرعة وتدرج في أسلاك الدراسة إلى أن تخرج في عام 1984 حاملا شهادة جامعية في القانون لينضم إلى قطاع الاستثمارات كمحامٍ متخصص في مجال إفلاس الشركات، قبل أن يقفز لاحقا إلى مجال صناديق التحوط (صناديق استثمارية معروفة بجني أرباح كبيرة تفوق عائد السوق).
اختار مارك أن يمارس مهنة تدرّ أرباحا سريعة على الشباب في عمره، بينما كان والده مبرمج كومبيوتر، وكانت والدته تدرّس اللغة الفرنسية في مدارس كونيتيكت.
بعد أربع سنوات من التجربة في الميدان، قرر رفقة أشقائه تأسيس شركة تدير نحو 150 مليون دولار، وأطلقوا عليها اسم “آي مروك” Amaroc للاستثمارات تيمناً ببلده الأصلي، وفق تقرير نشرته وكالة بلومبيرغ الأميركية عن الصعود المالي لهذا الملياردير.
يعشق مارك (63 عاما) – الذي يحمل أيضا درجة دكتوراة في القانون من كلية الحقوق بنيويورك – المغرب، ويعبر عن تعلقه بمسقط رأسه بحمل قميص “ذا موروكن فريك” (The Moroccan Freak 23) خلال إحدى مباريات دوري كرة السلة الأميركي.
ووفق موقع مجلة “تيل كيل” المغربية الناطقة بالفرنسية، فقد أضحى معروفا بهذا اللقب منذ أن أصبح في 2014 أحد ملاك فريق “ميلووكي باكس” لكرة السلة (Milwaukee Bucks)، الذي فاز العام الماضي ببطولة الدوري الأميركي للمحترفين (NBA) للمرة الأولى منذ 1971.

عندما استلم العسري دفة الفريق الأميركي كان يعاني من مشاكل مالية.
قام رفقة ملياردير آخر وهو، ويس إيدنس – الذي صنع أيضا ثروته في مجال “صناديق التحوط” – بضخ 550 مليون دولار لإنعاش النادي.
وعلاوة على الاقتصاد والرياضة، فإن العسري، الذي تقدر ثروته بحوالي 1.8 مليار دولار، معروف وسط السياسيين بتبرعاته، خاصة للحزب الديمقراطي، كما تجمعه علاقة صداقة بأبرز وجوه الديمقراطيين مثل الرئيس السابق بيل كلينتون.
كما دعم مرشحة الحزب سابقا، هيلاري كلينتون، في الانتخابات الرئاسية عام 2016 حيث خسرت السباق أمام المرشح الجمهوري دونالد ترامب.
هل يعيد الأمجاد لفريق ميلان؟
يعيش فريق إنتر ميلان منذ أشهر متاعب مالية ملحّة بسبب تراكم الديون وهو ما انعكس في تدهور أدائه في الكالتشو (البطولة الإيطالية).
وأكدت تقارير إعلامية منذ فترة أن المالك الحالي الصيني، ستيفين زهانغ، يفكر في بيع النادي.
وخلال هذا الأسبوع، كشفت تقارير إيطالية عن سعي الملياردير المغربي لشراء حصة من أسهم إنتر ميلان على أمل تكرار تجربة نجاحه في مجال كرة السلة.
وقد نقل موقع التلفزيون المغربي الرسمي عن الصحفي الإيطالي، ماركو برزاغي، القريب من إنتر ميلان، سعي مارك العسري بالفعل لشراء النادي.
ويتخوف ملاك النادي من العجز عن سداد قرض بنحو 275 مليون دولار بنهاية 2024.
وتُرجح وسائل إعلام إيطالية فرضية التخلص من بعض النجوم الكبار لحصر مسلسل نزيف الأموال بلا نتائج وألقاب، لكن الحل قد يكون مغربيا-أميركا هذه المرة، عبر استحواذ العسري على النادي وتكرار تجربة صعود فريق “ميلووكي باكس” لمنصة التتويج على عرش السلة الأميركية.